وكان المعتز في غيبة بغا لا ينام إلا في ثيابه وعليه السلاح فسار بغا إلى الجسر في الثلث الأول من الليل فبعث الموكلون بالجسر ينظرون من هو فصاح الغلام فرجع وخرج بغا في البستان الخاقاني فلحقه عدة من الموكلين فوقف لهم بغا وقال أنا بغا إما أن تذهبوا معي إلى صالح بن وصيف وإما أن تصيروا معي حتى أحسن إليكم فتوكل به بعضهم وأرسلوا إلى المعتز بالخبر فأمر بقتله فقتل وحمل رأسه إلى المعتز ونصب بسامرا وببغداد وأحرقت المغاربة جسده وكان أراد أن يختفي عند صالح بن وصيف فإذا اشتغل الناس بالعيد وكان قد قرب خرج هو وصالح ووثبوا بالمعتز.
ذكر ابتداء حال أحمد بن طولون كانت ديار مصر قد أقطعها بابكيال وهو من أكابر قواد الأتراك وكان مقيما بالحضرة واستخلف بها من ينوب عنه بها.
وكان طولون والد أحمد بن طولون أيضا من الأتراك وقد نشأ هو بعد والده على طريقة مستقيمة وسيرة حسنة فالتمس بابكيال من يستخلفه بمصر فأشير عليه بأحمد بن طولون لما ظهر عنه من حسن السيرة فولاه وسيره إليها.
وكان بها ابن المدبر على الخراج وقد تحكم في البلد فلما قدمها أحمد كف يد ابن المدبر واستولى على البلد وكان بابكيال قد استعمل أحمد بن طولون على مصر وحدها سوى باقي الأعمال كالاسكندرية وغيرها فلما قتل المهتدي بابكيال وصارت مصر لياركوج التركي وكان بينه وبين أحمد