سنة تسع وستين ومائتين، وكانوا قد تقدموا إليهم يوم الاثنين وواقعهم وتقدم كل طائفة إلى الجهة التي أمرهم بها فلقيهم الزنج واشتدت الحرب وكثر القتل والجراح في الفريقين، وحامى الفسقة عن الذي اقتصروا عليه من مدينتهم واستماتوا وصبروا فنصر الله أصحاب الموفق، فانهزم الزنج وقتل منهم خلق كثير وأسر من أنجادهم وشجعانهم جمع كثير، فأمر الموفق بضرب أعناق الأسرى في المعركة، وقصد بجمعه الدار التي يسكنها الخبيث وكان قد لجأ إليها وجمع أبطال أصحابه للمدافعة عنها فلم يغنوا عنها شيئا وانهزموا عنها وأسلموها، ودخلها أصحاب الموفق وفيها بقايا ما كان سلم للخبيث من ماله وولده وأثاثه، فنهب ذلك أجمع وأخذوا حرمه وأولاده وكانوا عشرين ما بين صبية وصبي، وسار الخبيث هاربا نحو دار المهلبي لا يلوي على أهل ولا مال واحترقت داره، وأتى الموفق بأهل الخبيث وأولاده فسيرهم إلى بغداد.
وكان أصحاب أبي العباس قد قصدوا دار المهلبي وقد لجأ إليها خلق كثير من المنهزمين فغلبوهم عليها واشتغلوا بنهبها وأخذوا ما فيها من حرم المسلمين وأولادهم، وجعل من ظفر منهم بشيء حمله إلى سفينته فعلوا في الدار ونواحيها، فلما رآهم الزنج كذلك رجعوا إليهم فقتلوا فيهم مقتلة يسيرة.
وكان جماعة من غلمان الموفق الذين قصدوا دار الخبيث تشاغلوا بحمل الغنائم إلى السفن أيضا فأطمع ذلك الزنج فيهم فأكبوا عليهم فكشفوهم،