وأتى بعد ذلك الطائفة الأخرى ففعلوا بالجانب الشرقي مثل ذلك وأحرقوا الجسر وتجاوزوه إلى جانب حظيرة كانت تعمل في سميريات الخبيث وآلاته واحترق ذلك عن آخره إلا شيئا يسيرا من الشذوات والسميريات كانت في النهر، وقصدوا سجنا للخبيث فقاتلهم الزنج عليه ساعة من النهار ثم غلبهم أصحاب الموفق عليه فأطلقوا من فيه وأحرقوا كل ما مروا به إلى دار مصلح وهو من قدماء أصحابه فدخلوها فنهبوها وما فيها وسبوا النساء وولده واستنقذوا خلقا كثيرا، وعاد الموفق وأصحابه سالمين.
وانحاز الخبيث وأصحابه من هذا الجانب إلى الجانب الشرقي من نهر أبي الخصيب واستولى الموفق على الجانب الغربي غير طريق يسير على الجسر الثاني، فأصلحوا الطرق فزاد ذلك في رعب الخبيث وأصحابه، فاجتمع كثير من أصحابه وقواده وأصحابه الذين كان يرى أنهم لا يفارقونه على طلب الأمان فبذل لهم فخرجوا إرسالا فأحسن الموفق إليهم وألحقهم بأمثالهم.
ثم أن الموفق أحب أن يتمرن أصحابه بسلوك النهر ليحرق الجسر الثاني فكان يأمرهم بإدخال الشذوات فيه وإحراق ما على جانبه من المنازل، فهرب إليه بعض الأيام قائد للزنج ومعه قاض كان لهم ومنبر ففت ذلك في أعضاد الخبثاء، ثم إن الخبيث وكل بالجسر الثاني من يحفظه وشحنه بالرجال، فأمر الموفق بعض أصحابه بإحراق ما عند الجسر من سفن ففعلوا حتى أحرقوها، فزاد ذلك في احتياط الخبيث وفي حراسته للجسر لئلا يحرق ويستولي الموفق على الجانب الغربي فيهلك.
وكان قد تخلف من أصحابه جمع في منازلهم المقاربة للجسر الثاني وكان أصحاب الموفق يأتونهم ويقفون على الطريق الخفية.
فلما عرفوا ذلك عزموا