على إحراق الجسر الثاني، فأمر الموفق ابنه أبا العباس والقواد بالتجهز لذلك، وأمرهم أن يأتوا من عدة جهات ليوافوا الجسر وأعد معهم الفؤوس والنفط والآلات، ودخل هو في النهر بالشذوات ومعه إنجاد غلمانه ومعهم الآلات أيضا، واشتبكت الحرب في الجانبين جميعا بين الفريقين واشتد القتال.
وكان في الجانب الغربي بإزاء أبي العباس ومن معه انكلاي بن الخبيث وسليمان بن جامع، وفي الجانب الشرقي بإزاء راشد مولى الموفق ومن معه الخبيث والمهلبي في باقي الجيش، فدامت الحرب مقدار ثلاث ساعات ثم انهزم الخبثاء لا يلوون على شيء، وأخذت السيوف منهم مأخذها ودخل أصحاب الشذوات النهر ودنوا من الجسر فقاتلوا من يحميه بالسهام، وأضرموا نارا.
وكان من المنهزمين سليمان وإنكلاي وكانا قد أثخنا بالجراح فوافيا الجسر والنار فيه فحالت بينهما وبين العبور وألقيا أنفسهما في النهر ومن معهما، فغرق منهم خلق كثير، وأفلت انكلاي وسليمان بعد أن أشفيا على الهلاك وقطع الجسر وأحرق، وتفرق الجيش في مدينة الخبيث في الجانبين فأحرقوا من دورهم وقصورهم وأسواقهم شيئا كثيرا، واستنقذوا من النساء والصبيان ما لا يحصى، ودخلوا الدار التي كان الخبيث سكنها بعد إحراق قصره وأحرقوها ونهبوا ما كان فيها مما كان سلم معه، وهرب الخبيث ولم يقف ذلك اليوم على مواضع أمواله.
واستنقذ في هذا اليوم نسوة من العلويات كن محبسات في موضع قريب من داره التي كان يسكنها، فأحسن الموفق إليهن وحملهن، وفتح سجنا