من الدور، واستنقذوا ما كان فيها من النساء، وكن عالما كثيرا من المسلمات فحملن إلى الموفقية، وأمر الموفق بالاحسان إليهن.
واستأمن يومئذ من أصحاب الخبيث وخاصته الذي يلون خدمته جماعة كثيرة فأمنهم الموفق وأحسن إليهم، ودلت جماعة من المستأمنة الموفق على سوق عظيمة كانت للخبيث متصلة بالجسر الأول تسمى المباركة وأعلموه إن أحرقها لم يبق لهم سوق غيرها، وخرج عنهم تجارهم الذين كان بهم قوامهم، فعزم الموفق على إحراقها وأمر أصحابه بقصد السوق من جانبيها فقصدوها، وأقبلت الزنج إليهم فتحاربوا أشد حرب تكون، واتصلت أصحاب الموفق إلى طرف من أطراف السوق وألقوا فيه النار فاحترق واتصلت النار.
وكان الناس يقتتلون والنار محيطة بهم، واتصلت النار بظلال السوق فاحترقت وسقطت على المقاتلة واحترق بعضهم، فكانت هذه حالهم إلى مغيب الشمس ثم تحاجزوا ورجع أصحاب الموفق إلى عسكرهم، وانتقل تجار السوق إلى أعلى المدينة وكانوا قد نقلوا معظم أمتعتهم وأموالهم من هذه السوق خوفا من مثل هذه.
ثم إن الخبيث فعل بالجانب الشرقي من حفر الخنادق وتغوير الطرق، مثل ما كان فعل الجانب الغربي بعد هذه الوقعة واحتفر خندقا عريضا حصن به منازل أصحابه التي كان على النهر الغربي، فرأى الموفق باقي السور إلى النهر الغربي، ففعل ذلك بعد حرب طويلة في مدة بعيدة.