فهدموهما ونهبوا ما فيهما، وانتهوا إلى سويقة للخبيث سماها الميمونة فهدمت وأخربت، وهدموا دار الحياتي وانتهبوا ما كان فيها من خزائن الفاسق، وتقدموا إلى الجامع ليهدموه فاشتد محاماة الزنج عنه، فلم يصل إليه أصحاب الموفق لأنه كان قد خلص مع الخبيث نخبة أصحابه وأرباب البصائر، فكان أحدهم يقتل أو يجرح فيجذبه الذي إلى جنبه ويقف مكانه.
فلما رأى الموفق ذلك أمر أبا العباس بقصد الجامع من أحد أركانه بشجعان أصحابه وأضاف إلى الفعول للهدم ونصب السلاليم.
ففعل ذلك وقاتل عليه أشد قتال فوصلوا إليه فهدموه فأخذ منبره فأتى به الموفق؛ ثم عاد الموفق لهدم السور فأكثر منه، وأخذ أصحابه دواوين الخبيث وبعض خزائنه فظهر للموفق أمارات الفتح، فإنهم لعلى ذلك إذ وصل سهم إلى الموفق فأصابه في صدره رماه به رومي كان مع صاحب الزنج اسمه قرطاس، وذلك لخمس بقين من جمادى الأولى فستر الموفق ذلك وعاد إلى مدينته وبات ثم عاد إلى الحرب على ما به من ألم الجراح ليشتد بذلك قلوب أصحابه، فزاد في علته وعظم أمرها حتى خيف عليه.
واضطرب العسكر والرعية وخافوا، فخرج من مدينة جماعة وأتاه الخبر وهو في هذه الحال بحادث في سلطانه، فأشار عليه أصحابه وثقاته بالعود إلى بغداد ويخلف من يقوم مقامه فأبى ذلك وخاف أن يستقيم