فأمر بفسطاطه فقلع، وضرب إلى لزق فسطاط الحسين.
ثم قال لامرأته: أنت طالق، فتقدمي مع أخيك حتى تصلي إلى منزلك، فإني قد وطنت نفسي على الموت مع الحسين عليه السلام.
ثم قال لمن كان معه من أصحابه: من أحب منكم الشهادة فليقم، ومن كرهها فليتقدم.
فلم يقم معه منهم أحد، وخرجوا مع المرأة وأخيها حتى لحقوا بالكوفة.
* * * قالوا: ولما رحل الحسين من زرود تلقاه رجل من بني أسد، فسأله عن الخبر.
فقال: لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل، وهانئ بن عروة، ورأيت الصبيان يجرون بأرجلهما.
فقال: إنا لله، وإنا إليه راجعون، عند الله نحتسب أنفسنا.
فقال له: أنشدك الله يا بن رسول الله في نفسك، وأنفس أهل بيتك، هؤلاء الذين نراهم معك، انصرف إلى موضعك، ودع المسير إلى الكوفة، فوالله ما لك بها ناصر.
فقال بنو عقيل - وكانوا معه -: ما لنا في العيش بعد أخينا مسلم حاجة، ولسنا براجعين حتى نموت.
فقال الحسين: (فما خير في العيش بعد هؤلاء)، وسار.
فلما وافى زبالة (1) وافاه بها رسول محمد بن الأشعث، وعمر بن سعد بما كان سأله مسلم أن يكتب به إليه من أمره، وخذلان أهل الكوفة إياه، بعد أن بايعوه، وقد كان مسلم سأل محمد بن الأشعث ذلك.