(مبايعة معاوية بالخلافة) ولما رأى الحسن من أصحابه الفشل أرسل إلى عبد الله بن عامر بشرائط اشترطها على معاوية على أن يسلم له الخلافة، وكانت الشرائط: ألا يأخذ أحدا من أهل العراق بإحنة، وأن يؤمن الأسود والأحمر، ويحتمل ما يكون من هفواتهم، ويجعل له خراج الأهواز مسلما في كل عام، ويحمل إلى أخيه الحسين بن علي في كل عام ألفي ألف، ويفضل بني هاشم في العطاء والصلات على بني عبد شمس.
فكتب عبد الله بن عامر بذلك إلى معاوية، فكتب معاوية جميع ذلك بخطه، وختمه بخاتمه، وبذل عليه له العهود المركبة والأيمان المغلظة، وأشهد على ذلك جميع رؤساء الشام، ووجه به إلى عبد الله بن عامر، فأوصله إلى الحسن رضي الله عنه، فرضي به، وكتب إلى قيس بن سعد بالصلح، ويأمره بتسليم الأمر إلى معاوية، والانصراف إلى المدائن.
فلما وصل الكتاب بذلك إلى قيس بن سعد قام في الناس، فقال: (أيها الناس، اختاروا أحد الأمرين، القتال بلا إمام، أو الدخول في طاعة معاوية).
فاختاروا الدخول في طاعته معاوية.
فسار حتى وافى المدائن، وسار الحسن بالناس من المدائن حتى وافى الكوفة، ووافاه معاوية بها، فالتقيا، فوكد عليه الحسن رضي الله عنه تلك الشروط والأيمان. ثم سار الحسن بأهل بيته حتى وافى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأخذ معاوية أهل الكوفة بالبيعة، فبايعوا، واستعمل عليهم المغيرة بن شعبة، وسار منصرفا في جموعه إلى الشام، فمكث المغيرة بن شعبة على الكوفة من قبل معاوية تسع سنين حتى مات بها.