قلت: على ظاهر هذا الحديث عدة إشكالات ارتاب منها فيه بعض الواقفين عليه ونحن نذكرها مفصلة ثم نحلها بما يزيل عنه الارتياب بعون الله سبحانه ومشيئته.
الاشكال الأول: إن المعهود والمعروف من أحوال الأئمة صلى الله عليه وسلم أنهم خزنة العلم وحفظة الشرع يحكمون فيه بما استودعهم الرسول صلى الله عليه وآله وأطلعهم عليه وأنهم لا يغيرون الأحكام بعد انقطاع الوحي وانسداد باب النسخ فكيف يستقيم وله في هذا الحديث: (أوجبت في سنتي ولم أوجب ذلك عليهم في كل عام) إلى غير ذلك من العبارات الدالة على أنه عليه السلام يحكم في هذا الحق بما شاء واختار؟.
الثاني: إن قوله: (ولا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله عليهم) ينافيه قوله بعد ذلك: (فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام).
الثالث: إن قوله: (وإنما أوجب عليهم الخمس في سنتي هذه من الذهب والفضة التي قد حال عليها الحول) خلاف المعهود إذ الحول يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة لا الخمس، وكذا قوله: (ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم) فإن تعلق الخمس بهذه الأشياء غير معروف.
الرابع: إن الوجه في الاقتصار على نصف السدس غير ظاهر بعد ما علم من وجوب الخمس في الضياع التي يحصل منها المؤونة كما يستفاد من الخبر الذي قبل هذا وغيره مما سيأتي.
إذا تقرر هذا فاعلم أن الاشكال الأول مبني على ما اتفقت فيه كلمة المتأخرين من استواء جميع أنواع الخمس في المصرف ونحن نطالبهم بدليله ونضايقهم في بيان مأخذ هذه التسوية، كيف وفي الأخبار التي بها تمسكهم وعليها اعتمادهم ما يؤذن بخلافها بل ينادي بالاختلاف كالخبر السابق عن أبي علي بن راشد ويعزى إلى جماعة من القدماء في هذا الباب ما يليق أن يكون ناظرا إلى ذلك،