المحترقة من العذرة الموقدة فوقه وعدم تميزها بينه (1) ثم ملاقاتها له برطوبة الجبل، وحيث أفاد الجواب طهارته بالنار والحال أن العذرة تصير ومادا بالاحراق فقد دل الخبر دلالة واضحة على أن النار تطهر ما يستحيل بها إلى الرماد ويبقى الكلام في إسناد الطهارة إلى الماء أيضا ولا يمكن إرادة الحقيقة منه، فأن العذرة الموقدة إن خرجت عن حقيقتها واستحالت لحقت بالأجسام الطاهرة كما يستفاد من إسناد الطهارة إلى النار فلا حاجة لها إلى الماء، وإن بقيت على حكمها لم يفدها الماء تطهيرا كما هو واضح فيتعين حينئذ حمله على المجاز، وذلك بإرادة المعنى اللغوي للطهارة بالنسبة إليه من حيث إفادته الجص نوع تنظيف ربما يزول معه النفرة الحاصلة من اشتماله على العذرة والعظام المحرقة، ولا منافاة في ذلك لإرادة المعنى الشرعي في إسناد الطهارة إلى النار فإن ضرورة مطابقة الجواب للسؤال يقتضي حصول الطهارة بمعناها الشرعي للعذرة حينئذ ولا وجه له إلا تأثير النار فيها، والجمع بين إرادتي المعنى الحقيقي والمجازي من اللفظ الواحد جائز بطريق المجاز، كما حققناه في موضعه، ولو جعل من باب عموم المجاز لجاز أيضا بغير إشكال.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الظاهر من حال كثير من الأصحاب أنهم فهموا من هذا الحديث جواز السجود على الجص، ولذلك أورده المشايخ الثلاثة في أخبار السجود، وقال الشهيد في الذكرى: إن فيه إشارة إلى ذلك.
وأرى أن الإشارة فيه إلى عدم الجواز أقرب إن لم يكن احتمال عدم النظر إلى حكم السجود فيه من السائل أظهر.
وتحقيق هذا أن السؤال صريح في أن المطلوب معرفة حال الجص باعتبار ما يختلط به من آثار العذرة المحرقة عليه وليس في ذكر السجود عليه منافاة لإرادة ذلك المعنى وحده من السؤال إذ هو وجه مباشرته فيما يعتبر