وروى حديث ابن محبوب في موضع من التهذيب معلقا عنه بصورة ما في رواية الصدوق إلا في قوله: (يوقد)، فإنه بخط الشيخ (وقد) (1) وطريقه إليه مذكور في جملة ما قد منا ذكره من الطرق.
ورواه في موضعين آخرين منه (2) بإسناده عن أحمد بن محمد عن الحسن ابن محبوب قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ويجصص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب عليه السلام إلى بخطه إن الماء والنار قد طهراه.
وروى الشيخ أبو جعفر الكليني (3) هذا الحديث عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، والمتن كما في ثانية روايتي الشيخ إلا في قوله: (أيسجد) ففي الكافي (أسجد) وفي عدة نسخ له (توقد عليه العذرة) وأصلحت فيما بعد بما يوافق ما في غيره وربما كان لترك الياء نوع رجحان.
فقد اتفق لجماعة من الأصحاب في فهم معنى الحديث توهم عجيب وإثباتها يساعد عليه وخلاصة الكلام في بيانه: أن الشيخ استدل بالخبر على أن النار تطهر ما تحليه رمادا، فناقشه الجماعة في ذلك بأن ظاهر الخبر استناد نجاسة الجص إلى ملاقاته لدخان الأعيان النجسة، وهو مشكل لأن نجاسته غير معلومة وبتقدير أن ينجس الجص بذلك فالنار لا تصيره رمادا، وقد اعتبر الشيخ في تطهير النار حصول الاستحالة إلى الرماد، ثم إن الماء الذي يمازج الجص هو الذي يحيل به، وذلك غير مطهر إجماعا، هذا محصول المناقشة وليس بخاف أن استناد نجاسة الجص إلى الدخان إنما يتصور إذا كان إحراقه بالايقاد تحته وإثبات المياه يناسبه ولكن المعهود من طريق إحراق الجص أن يكون الايقاد فوقه، والمناقشة ساقطة برمتها معه فإن الوجه في احتمال نجاسة الجص حينئذ اختلاطه بالأجزاء