ذلك أقصر الصلاة ثم بدا لي في الليل الرجوع إلى الكوفة فلم أدر أصلي في رجوعي بتقصير أم تمام، وكيف كان ينبغي أن أصنع؟ فقال: إن كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير لأنك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك، قال: وإن كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فإن عليك أن تقصي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تريم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت وعليك إذا رجعت أن تتم الصلاة حتى تصير إلى منزلك (1).
قوله في هذا الحديث: (من قبل أن تريم) معناه من قبل أن تنثني من السفر من المكان الذي بدا فيه الرجوع وفيه دلالة على وجوب الإعادة على من صلى قصرا ثم رجع عن السفر مطلقا لأن إيجاب القضاء عليه مع فوات الوقت يقتضي وجوب الإعادة مع بقائه بطريق أولى ولا يعرف القول بهذا بين الأصحاب فإن الشيخ قال بوجوب الإعادة في الوقت خاصة، والمتأخرون نفوا ذلك مطلقا استضعافا لدليله وتمسكا بأنه صلى صلاة مأمورا بها شرعا فتكون مجزية، وبحديث لزرارة يأتي في المشهوري من طريق الصدوق وقد عرف حاله وأنه معتمد مع أن ابن الجنيد مصرح في مختصره بالمصير إلى ما يفيده منطوق الحديث وما وقفت على حكاية لخلافة في المسألة، ولا رأيت من تعرض للحديث مع ظهور التعارض بينه وبين حديث زرارة حتى إن الشيخ لم يورده في أخبار السفر وإنما ذكره في باب الصلاة في السفينة ساكتا عليه ولا يظهر للجمع طريق سوى حمل الوجوب في هذا الخبر على إرادة الاستحباب المتأكد، وذكر ابن الجنيد أن إعادة الصلاة مع بقاء الوقت لمن رجع عن السفر قبل أن يبلغ البريد أحب إليه.