لا يفيده لفظ الخبر فيحتاج حمله عليه إلى النقل الثابت وليس بظاهر، ولبعض الأصحاب في بيان معناه كلام آخر غير مرضي أيضا، والمتجه فيه الوقوف مع ظاهر اللفظ وهو زيادة السير عن القدر المعتاد في أسفارهما غالبا والحكمة في هذا التخفيف واضحة ويستفاد منه بمفهوم الموافقة أنه لو عرض السفر الزايد عن المعتاد كالحج لمن لم يعتد له تمشي فيه هذا الحكم.
محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المكاري إذا لم يستقر في منزله إلا خمسة أيام أو قل قصر في سفره بالنهار وأتم صلاة الليل وعليه صوم شهر رمضان فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر وينصرف إلى منزله ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وأفطر (1).
قلت: هذا الحديث رواه الشيخ في التهذيب (2)، عن عبد الله بن سنان بإسناد فيه جهالة، واقتصر في إقامة العشرة على حصولها مرة، فقال: (وإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام وأكثر قصر في سفره وأفطر)، وكأن المتأخرين عولوا في الاكتفاء بذلك على ما رواه الشيخ مع أن احتمال سقوط الزيادة التي في رواية الصدوق مما رواه الشيخ على سبيل السهو قريب جدا، ومثله واقع في مواضع فلا غرابة فيه، وحينئذ يتجه العمل بما تضمنته رواية الصدوق وإن كان المشهور خلافها فإن اعتبار مثل هذه الشهرة لا وجه له، ويبقى الكلام في حكم إقامة الخمسة فما دونها فإنه خلاف المشهور أيضا ويظن أن في الأخبار الآتية ما ينافيه وتترجح بالشهرة عليه.