النوع الرابع المفهوم ولا بد من النظر في معناه وأصنافه قبل الحجاج في نفيه وإثباته أما معناه، فاعلم أن المفهوم مقابل للمنطوق، والمنطوق أصل للمفهوم، فلا بد من تحقيقه أولا، ثم العود إلى تحقيق، معنى المفهوم ثانيا.
فنقول أما المنطوق، فقد قال بعضهم هو ما فهم من اللفظ في محل النطق، وليس بصحيح، فإن الاحكام المضمرة في دلالة الاقتضاء مفهومة من اللفظ في محل النطق، ولا يقال لشئ من ذلك منطوق اللفظ، فالواجب أن يقال: المنطوق ما فهم من دلالة اللفظ قطعا في محل النطق وذلك كما في وجوب الزكاة المفهوم من قوله (ص): في الغنم السائمة زكاة وكتحريم التأفيف للوالدين من قوله تعالى: * (ولا تقل لهما أف) * (17) الاسراء: 23) إلى نظائره.
وأما المفهوم فهو ما فهم من اللفظ في غيره محل النطق، والمنطوق، وإن كان مفهوما من اللفظ، غير أنه لما كان مفهوما من دلالة اللفظ نطقا، خص باسم المنطوق، وبقي ما عداه معرفا بالمعنى العام المشترك، تمييزا بين الامرين.
وإذا عرف معنى المفهوم، فهو ينقسم إلى ما يسمى مفهوم الموافقة وإلى ما يسمى مفهوم المخالفة.
أما مفهوم الموافقة فما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت موافقا لمدلوله في محل النطق، ويسمى أيضا فحوى الخطاب ولحن الخطاب، والمراد به معنى الخطاب ومنه قوله تعالى: * (ولتعرفنهم في لحن القول) * (47) محمد: 30) أي في معناه.
وقد يطلق اللحن ويراد به اللغة، ومنه يقال: لحن فلان بلحنه إذا تكلم بلغته وقد يطلق ويراد به الفطنة، ومنه قوله (ص): (ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض) أي أفطن.
وقد يطلق ويراد به الخروج عن ناحية الصواب، ويدخل فيه إزالة الاعراب عن جهة الصواب.