المسألة الثانية اختلفوا في الحكم المعلق على شئ بكلمة (إن) هل الحكم على العدم عند عدم ذلك الشئ أولا:
فذهب ابن سريج والهراسي من أصحاب الشافعي والكرخي وأبو الحسين البصري إلى أن الحكم على العدم مع عدم ذلك الشرط، وذهب القاضي عبد الجبار وأبو عبد الله البصري إلى أن الحكم لا يكون على العدم عند عدم الشرط، وهو المختار.
وبيانه أن ما علق عليه الحكم بكلمة (إن) إما أن لا يكون شرطا للحكم أو يكون شرطا:
فإن كان الأول، فلا يلزم من نفيه نفي الحكم، وإن كان شرطا فلا يخلو إما أن يكون من لوازم الشرط انتفاء الحكم المعلق عليه مطلقا عند انتفائه، ولا يكون لازما له: الأول محال، وإلا لامتنع وجود القصر المعلق على الخوف بكلمة (إن) في قوله تعالى: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) * (4) النساء: 101) وهو خلاف الاجماع، وإن كان الثاني فهو المطلوب.
فإن قيل: هو من لوازمه بتقدير عدم المعارض وليس من لوازمه بتقدير المعارض ثم ما ذكرتموه معارض بما يدل على نقيضه، وبيانه أن كلمة (إن) مسماة في اصطلاح أهل اللغة بالشرط، والأصل في الاطلاق الحقيقة، ولأن قول القائل لغيره إن دخل زيد الدار فأكرمه في معنى قوله دخول زيد الدار شرط في إكرامه، فكان ما دخلت عليه كلمة (إن) شرطا في الحكم، وإذا كان شرطا لزم من عدمه عدم المشروط. ويدل عليه ثلاثة أمور:
الأول: أن يعلي بن أمية فهم من تعليق القصر على الخوف بكلمة * (ان) * عدم القصر عند عدم الخوف حيث سأل عمر قال: ما بالنا نقصر وقد أمنا، وقد قال تعالى:
* (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم) * (4) النساء: 101) وأقره عمر على ذلك، وقال له: لقد عجبت مما عجبت منه، فسألت النبي (ص) عن ذلك فقال: صدقة