المسألة السابعة عشرة إذا كان الحكم في الأصل نفيا، والعلة له وجود مانع أو فوات شرط، فقد اختلفوا في اشتراط وجود المقتضي لاثباته.
والمختار اشتراطه. وذلك، لان الاحكام إنما شرعت لمصالح الخلق، فما لا فائدة في إثباته، فلا يشرع. فانتفاؤه يكون لانتفاء فائدته، وسواء وجدت ثم حكمة تقتضي نفيه أو لم توجد. وفرق بين انتفاء الحكم لانتفاء فائدته، وبين انتفائه لوجود فائدة نافية له. وإذا كان كذلك، فما لم يوجد المقتضي للاثبات، كان نفي الحكم للمانع أو لفوات الشرط ممتنعا.
فإن قيل: لا خفاء بأن وجود المقتضى من قبيل المعارض لوجود المانع وفوات الشرط، فإذا استقل المانع وفوات الشرط بنفي الحكم مع وجود ما يعارضه ويكسر سورته، فلان يستقل بالنفي مع انتفاء المعارض كان أولى (1) وأيضا فإنا لو اشترطنا وجود المقتضي، فيلزم منه التعارض بينه وبين المانع أو فوات الشرط والتعارض على خلاف الأصل لما فيه من إهمال أحد الدليلين. وعند انتفاء المقتضي، لو أحلنا نفي الحكم على نفي المقتضى مع تحقق ما يناسب نفي الحكم من المانع أو فوات الشرط، لزم منه إهمال مناسبة المانع وفوات الشرط مع اقتران نفي الحكم به، وهو خلاف الأصل.
قلنا: جواب الاشكال الأول أنه لا يلزم من انتفاء الحكم بالمانع وفوات الشرط مع وجود المقتضي المشترط في إعماله لما بيناه انتفاؤه له مع فوات شرط إعماله.
وجواب الثاني: أنه وإن لزم من وجود المقتضي التعارض بينه وبين المانع أو فوات الشرط، فهو أهون من نفيه لوجود المانع مع فوات شرط إعماله على ما حققناه.