المسألة الرابعة اختلفوا في تقييد الحكم بعدد مخصوص هل يدل على أن ما عدا ذلك العدد بخلافه أو لا؟
والحق في ذلك إنما هو التفصيل، وهو أن الحكم إذا قيد بعدد مخصوص.
فمنه ما يدل على ثبوت ذلك الحكم فيما زاد على ذلك العدد بطريق الأولى، وذلك كما لو حرم الله جلد الزاني مائة، وقال إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا، فإنه يدل على تحريم ما زاد على القلتين لا يحمل خبثا بطريق الأولى (7) ولأن ما زاد على المائة وعلى القلتين ففيه المائة والقلتان وزيادة.
وهل يدل ذلك على أن الحكم فيما دون المائة ودون القلتين على خلاف الحكم في المائة، والقلتين؟ هذا موضع الخلاف.
ومنه ما لا يدل على ثبوت الحكم فيما زاد على العدد المخصوص بطريق الأولى.
وذلك كما إذا أوجب جلد الزاني مائة أو أباحه، فإنه لا يدل على الوجوب والإباحة فيما زاد على ذلك بطريق الأولى، بل هو مسكوت عنه ومختلف في دلالته على نفي الوجوب والإباحة فيما زاد ومتفق على أن حكم ما نقص كحكم المائة لدخوله تحتها، لكن لا يمنع من الاقتصار عليه (1).
والمختار فيما كان مسكوتا عنه، ولم يكن الحكم فيه ثابتا بطريق الأولى من هذه الصور أن تخصيص الحكم بالعدد لا يدل على انتفاء الحكم فيه لما ذكرناه في المسائل المتقدمة. ومن نازع في ذلك فلا يخرج في احتجاجه على مذهبه عما ذكرناه فيما تقدم، وقد عرف ما فيه.