القسم الثالث في شروط الفرع وهي خمسة الشرط الأول: أن يكون خاليا عن معارض راجح يقتضي نقيض ما اقتضته علة القياس، على رأي القائلين بجواز تخصيص العلة، ليكون القياس مفيدا.
الشرط الثاني: أن تكون العلة الموجودة فيه مشاركة لعلة الأصل، إما في عينها كتعليل تحريم شرب النبيذ بالشدة المطربة المشتركة بينه وبين الخمر، أو في جنسها كتعليل وجوب القصاص في الأطراف بجامع الجناية المشتركة بين القطع والقتل، لان القياس على ما تقدم إنما هو تعدية حكم الأصل إلى الفرع، بواسطة علة الأصل.
فإذا لم تكن علة الفرع مشاركة لها في صفة عمومها ولا خصوصها، فلم تكن (1) علة الأصل في الفرع، فلا يمكن تعدية حكم الأصل إلى الفرع. الشرط الثالث: أن يكون الحكم في الفرع مماثلا لحكم الأصل في عينه، كوجوب القصاص في النفس المشترك بين المثقل والمحدد، أو جنسه كإثبات الولاية على الصغيرة في نكاحها، قياسا على إثبات الولاية في مالها، فإن المشترك بينهما إنما هو جنس الولاية لا عينها، ولو لم يكن كذلك لكان القياس باطلا. وذلك، لان شرع الاحكام لم يكن مطلوبا لذاته، بل لما يفضي إليه من مقاصد العباد، وسواء ظهر المقصود أم لم يظهر. فان كان حكم الفرع مماثلا لحكم الأصل، علمنا أن ما يحصل به من المقصود مثل ما يحصل من حكم الأصل ضرورة اتحاد الوسيلة، فيجب إثباته.
وأما إذا كان حكم الفرع مخالفا لحكم الأصل مع أنه الوسيلة إلى تحصيل المقصود، فإفضاؤه إلى الحكمة المطلوبة يجب أن يكون مخالفا لافضاء حكم الأصل إليها. والمخالفة بينهما من الافضاء إما أن تكون بزيادة في إفضاء حكم الأصل إليها أو في إفضاء حكم الفرع.
فإن كان الأول، فلا يلزم من شرع الحكم في الأصل رعاية لأصل المقصود وزيادة الافضاء إليه، شرع حكم الفرع تحصيلا لأصل المقصود دون زيادة الافضاء إليه لان زيادة الافضاء إلى المقصود مقصودة في نظر العقلاء وأهل العرف.