المسألة العاشرة اختلفوا في النقض المكسور، وهو النقض على بعض أوصاف العلة (1).
وذلك كما لو قال الشافعي في مسألة بيع الغائب: مبيع مجهول الصفة عند العاقد حال العقد، فلا يصح بيعه، كما لو قال بعتك عبد ا فقال المعترض هذا ينتقض بما لو تزوج امرأة لم يرها، فإنها مجهولة الصفة عند العاقد لدى العقد، ومع ذلك فإن النكاح يصح، والأكثرون على رده وإبطاله.
وذلك، لان التعليل إنما وقع بكونه مبيعا مجهول الصفة، لا بكونه مجهول الصفة فقط، والمنكوحة ليست مبيعة، وإن كانت مجهولة الصفة. وإبطال التعليل ببعض أوصاف العلة لا يكون إبطالا بجملة العلة.
نعم. إن بين المعترض أنه لا تأثير للوصف الذي وقع به الاحتراز عن النقص في الحكم لا بانفراده ولا مع ضميمة إلى الوصف الآخر، فالمستدل بين أمرين بين أن يبقى مصرا على التعليل بمجموع الوصفين، وبين أن يترك الكلام على التعليل بالوصف المنقوض:
فإن كان الأول: فقد بطل التعليل بما علل به لعدم التأثير لا بالنقض.
وإن كان الثاني: فقد بطل التعليل بالنقض لكونه واردا على كل العلة.
فإن قيل: الوصف المحذوف وإن لم يكن مناسبا، ولا له تأثير في إثبات الحكم المعلل لا بانفراده، ولا مع ضميمة إلى غيره، فلا يمتنع أخذه في التعليل لفائدة الاحتراز عن النقض، وإنما يخرج عن التعليل، إن لو تعرى عن الفائدة بالكلية، وليست الفائدة منحصرة في المناسبة على ما تقدم.
قلنا: فائدة الاحتراز به عن النقض متوقفة على كونه من أجزاء العلة، حتى إنه لو لم يكن من أجزاء العلة، لكانت العلة ما وراءه، والنقض إذ ذاك يكون واردا عليها. وكونه من أجزاء العلة يتوقف على إمكان الاحتراز به عن النقض وهو دور ممتنع.