الحجة الأولى: أنه لو كان حكم السائمة والمعلوفة، سواء في وجوب الزكاة لما كان لتخصيص السائمة بالذكر فائدة، بل كان ملغزا بذكر ما يوهم في الزكاة في المعلوفة، ومقصرا في البيان مع دعو الحاجة إليه. وذلك على خلاف الأصل.
وحيث امتنع ذلك دل على أن فائدة التخصيص بذكر السائمة نفي الزكاة عن المعلوفة.
ولقائل أن يقول: ما ذكرتموه في إثبات دليل الخطاب يرجع إلى إثبات الوضع بما فيه من الفائدة، ولا نسلم إمكان إثبات الوضع بذلك (1) سلمنا إمكان ذلك ولكن لا نسلم أنه لا فائدة في تخصيص الصفة بالذكر سوى نفي الحكم المعلق بها عند عدمها. وبيانه من وجهين: الأول أنه لو لم يكن له فائدة سوى نفي الحكم في محل السكوت لامتنع ورود نص خاص يدل على إثبات الحكم في محل السكوت لما فيه من إبطال فائدة التخصيص بالذكر لمحل النطق لما يلزم من اللغو في كلام الحكيم، وهو ممتنع.
فإن قيل: فإذا ثبت مثل ذلك الحكم في محل السكوت لم يكن مخصصا للصفة بالحكم، حتى يقال بأن التخصيص يكون لغوا.
قلنا: فإذا مجرد تخصيص الصفة بالذكر لا يكون دليلا على نفي الحكم عند عدمها دون البحث عما يدل على إثبات الحكم في محل السكوت مع عدم الظفر به، وليس كذلك عندكم، لكن نفس التخصيص دليل، ووجود ما يدل على ثبات الحكم في صورة السكوت يكون معارضا له، بل أمكن (2) وجود فائدة أخرى دعت إلى التخصيص بالذكر، وهي إما عموم وقوع المذكور، كما في قوله تعالى: * (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) * (4) النساء: 23) وإما لسؤال سائل سأل عن ذلك، أو لحدوث واقعة وقعت كذلك. وإن لم يكن شئ من ذلك فأمكن أن يكون ذلك لرفع وهم من توهم أن حكم الصفة بتقدير تعميم اللفظ يكون مخالفا لحكم العموم