المسألة السابعة فيما يتعلق بنسخ الاخبار.
والنسخ إما أن يكون لنسخ الخبر أو لمدلوله وثمرته:
فإن كان الأول فإما أن تنسخ تلاوته أو تكليفنا به بأن نكون قد كلفنا أن نخبر بشئ فينسخ عنا التكليف بذلك الاخبار، وكل واحد من الامرين جائز من غير خلاف بين القائلين بجواز النسخ، وسواء كان ما نسخت تلاوته ماضيا أو مستقبلا، وسواء كان ما نسخ تكليف الاخبار به مما لا يتغير مدلوله، كالاخبار بوجود الله تعالى وحدوث العالم.
أو يتغير كالاخبار بكفر زيد وإيمانه، لان كل ذلك حكم من الأحكام الشرعية فجاز أن يكون مصلحة في وقت، ومفسدة في وقت آخر.
لكن هل يجوز أن ينسخ تكليفنا بالاخبار عما لا يتغير، بتكليفنا بالاخبار بنقيضه؟
قالت المعتزلة: لا يجوز، لأنه كذب، والتكليف بالكذب قبيح، وهو غير متصور من الشارع، وهو مبني على أصولهم في التحسين والتقبيح العقلي ووجوب رعاية المصلحة في أفعال الله تعالى، وقد أبطلناه. وعلى هذا، فلا مانع من نسخ التكليف بالخبر، بنقيض الخبر.
وأما إن كان النسخ لمدلول الخبر وفائدته، فذلك المدلول.
إما أن يكون مما لا يتغير، كمدلول الخبر بوجود الاله سبحانه وحدوث العالم، أو مما يتغير:
فإن كان الأول فنسخه محال بالاجماع.
وأما إن كان مدلوله مما يتغير، وسواء كان ماضيا، كالاخبار بما وجد من إيمان زيد وكفره، أو مستقبلا، وسواء كان وعدا أو وعيدا، أو حكما شرعيا.
فقد اختلف في رفعه ونسخه.
فذهب القاضي أبو بكر والجبائي وأبو هاشم وجماعة من المتكلمين والفقهاء إلى امتناع رفعه.
وذهب أبو عبد الله البصري والقاضي عبد الجبار وأبو الحسين البصري إلى جوازه.
ومنهم من فصل بين الخبر الماضي والمستقبل، فمنعه في الماضي، وجوزه في المستقبل.