المسألة السابعة اتفق الكل على أن تعدية العلة شرط في صحة القياس وعلى صحة العلة القاصرة كانت منصوصة أو مجمعا عليها.
وإنما اختلفوا في صحة العلة القاصرة إذا لم تكن منصوصة ولا مجمعا عليها.
وذلك كتعليل أصحاب الشافعي حرمة الربا في النقدين بجوهرية الثمينة.
فذهب الشافعي وأصحابه وأحمد بن حنبل والقاضي أبو بكر والقاضي عبد الجبار وأبو الحسين البصري وأكثر الفقهاء والمتكلمين إلى صحتها وذهب أبو حنيفة وأصحابه وأبو عبد الله البصري والكرخي إلى إبطالها.
والمختار صحتها. وقد احتج القائلون بذلك بمسالك:
المسلك الأول أنهم قالوا: تعدية العلة إلى الفرع موقوف على صحتها في نفسها فلو كانت صحتها متوقفة على تعديتها كان دورا ممتنعا.
ولقائل أن يقول إن أردتم بالتعدية الموقوفة على صحة العلة ثبوت الحكم بها في الفرع، فهو مسلم وإن أردتم بالتعدية الموقوفة على صحة العلة وجودها في الفرع لاغير، فهو غير مسلم.
وعلى هذا فنحن لا نقول بان التعدية بالاعتبار الأول شرط في صحة العلة ليكون دورا، وإنما نقول بأن شرط صحة العلة التعدية بالاعتبار الثاني، وهو غير مفض إلى الدور، فإن صحة العلة، وإن كانت مشروطة بوجودها في غير محل النص، فوجودها غير متوقف على صحتها في نفسها، فلا دور، وإن سلمنا توقف التعدية على الصحة وتوقف الصحة على التعدية، فإنما يلزم الدوران لو كان ذلك التوقف مشروطا بتقدم كل واحد من الامرين على الاخر وأما إذا كان ذلك بجهة المعية كما في توقف كل واحد من المضافين على الآخر فلا دور.
المسلك الثاني أنهم قالوا إذا دار الحكم مع الوصف القاصر وجودا وعدما دل على كونه علة كالمتعدي، وهو غير صحيح لما سنبينه من إبطال التمسك بالدوران.