وأما الوطئ في حق الحائض المعتدة المحرمة فغير محرم على التحقيق، وإنما المحرم في حق الحائض ملابسة الأذى، وفي حق المعتدة تطويل العدة، وفي حق المحرمة إفساد العبادة، وهي أحكام متعددة، لا أنها حكم واحد.
وأما المس واللمس وباقي الأسباب فالأحداث المرتبة عليها متعددة على رأي لنا.
وعلى هذا فلو نوى رفع حدث واحد منها لا يرتفع الباقي، فأحكامها أيضا متعددة، لا أنها حكم واحد، والنزاع إنما هو في تعليل الحكم الواحد بالشخص بعلتين، لا في تعليل حكمين.
وعلى هذا فلا يخفى وجه التخريج لكل ما يرد من هذا القبيل.
المسألة الثالثة عشرة اختلفوا في العلة الواحدة الشرعية هل تكون علة لحكمين شرعيين أو لا؟
والمختار جوازه. وذلك، لان العلة إما بمعنى الامارة أو الباعث.
فإن كانت بمعنى الامارة فغير ممتنع لا عقلا ولا شرعا نصب أمارة واحدة على حكمين مختلفين. وذلك مما لا نعرف فيه خلافا كما لو قال الشارع: جعلت طلوع الهلال أمارة على وجوب الصوم والصلاة ونحوه (1).
وأما إن كانت بمعنى الباعث، فلا يمتنع أيضا أن يكون الوصف الواحد باعثا للشرع على حكمين مختلفين، أي مناسبا لهما. وذلك كمناسبة شرب الخمر للتحريم ووجوب الحد، وكذلك التصرف بالبيع من الأهل في المحل المرئي، فإنه مناسب لصحة البيع ولزومه.
فإن قيل: إذا كان الوصف مناسبا لاحد الحكمين، فمعنى كونه مناسبا له أنه لو رتب ذلك الحكم عليه لحصل مقصوده.
وعلى هذا، فيمتنع أن يكون مناسبا للحكم الآخر، لأنه لو ناسبه لكان بمعنى أن ترتيبه عليه محصل للمقصود منه، وفي ذلك تحصيل الحاصل لكونه حاصلا بالحكم الآخر.