المسلك الرابع: في إثبات العلة بالسير والتقسيم (1) وذلك أن يقال: الحكم الثابت في الأصل إما أن يكون ثابتا لعلة، أو لا لعلة لا جائز أن يقال بالثاني، إذا هو خلاف إجماع الفقهاء. على أن الحكم لا يخلو عن علة إما بجهة الوجوب، كما قالت المعتزلة.
أولا بجهة الوجوب، كقول أصحابنا (2) وبتقدير جواز خلوه عن العلة فالخلو عنها على خلاف الغالب المألوف من شرع الاحكام، وذلك يدل ظاهرا على استلزام الحكم فيما نحن فيه للعلة.
وإذا كان لا بد له من علة فإما بأن تكون ظاهرة أو غير ظاهرة.
لا جائز أن تكون غير ظاهرة، وإلا كان الحكم تعبدا، وهو خلاف الأصل لوجوه ثلاثة.
الأول أن إثبات الحكم بجهة التعقل أغلب من إثباته بجهة التعبد، وإدراج ما نحن فيه تحت الغالب أغلب على الظن.
الثاني أنه إذا كان الحكم معقول المعنى، كان على وفق المألوف من تصرفات العقلاء وأهل العرف، والأصل تنزيل التصرفات الشرعية على وزان التصرفات العرفية.