الفصل الثاني في الفرق بين النسخ والبداء واعلم أن البداء عبارة عن الظهور بعد الخفاء.
ومنه يقال: بدا لنا سور المدينة بعد خفائه، وبدا لنا الامر الفلاني، أي ظهر بعد خفائه.
وإليه الإشارة بقوله تعالى: * (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) * (39) الزمر: 47) * (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل) * (6) الانعام: 28) * (وبدا لهم سيئات ما عملوا) * (45) الجاثية: 33) وحيث كان فإن النسخ يتضمن الامر بما نهى عنه، والنهي عما أمر به على حده وظن أن الفعل لا يخرج عن كونه مستلزما لمصلحة أو مفسدة فإن كان مستلزما لمصلحة، فالامر به بعد النهي عنه على الحد الذي نهى عنه إنما يكون لظهور ما كان قد خفي من المصلحة.
وإن كان مستلزما لمفسدة، فالنهي عنه بعد الامر به على الحد الذي أمر به، إنما يكون لظهور ما كان قد خفي من المفسدة، وذلك عين البداء.
ولما خفي الفرق بين البداء والنسخ على اليهود والرافضة، منعت اليهود من النسخ في حق الله تعالى وجوزت الروافض البداء عليه لاعتقادهم جواز النسخ على الله تعالى مع تعذر الفرق عليهم بين النسخ والبداء (1) واعتضدوا في ذلك بما نقلوه