وأما حمل بطلان النكاح على مصيره إلى البطلان، فبعيد من وجهين:
الأول أن مصير العقد إلى البطلان، من أندر ما يقع، والتعبير باسم الشئ عما يؤول إليه، إنما يصح فيما إذا كان المآل إليه قطعا، كما في قوله تعالى: * (إنك ميت، وإنهم ميتون) * (39) الزمر: 30) أو غالبا كما فتسمية العصير خمرا في قوله تعالى: * (أراني أعصر خمرا) * (12) يوسف: 36) الثاني قوله: فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها ولو كان العقد واقعا صحيحا، لكان المهر لها بالعقد لا بالاستحلال.
المسألة الرابعة ومن التأويلات البعيدة قول أصحاب أبي حنيفة في قوله (ص): لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل إن المراد به صوم القضاء والنذر، من حيث (1) إن الصوم نكرة، وقد دخل عليه حرف النفي، فكان ظاهره العموم في كل صوم. والمتبادر إلى الفهم من لفظ الصوم إنما هو الصوم الأصلي المتخاطب به في اللغات، وهو الفرض والتطوع (2) دون ما وجوبه بعارض، ووقوعه نادر، وهو القضاء والنذر.
ولا يخفى أن إطلاق ما هو قوي في العموم، وإرادة ما هو العارض البعيد النادر وإخراج الأصل الغالب منه، إلغاز في القول.
ولهذا، فإنه لو قال السيد لعبده من دخل داري من أقاربي أكرمه وقال:
إنما أردت قرابة السبب دون النسب، أو ذوات الأرحام البعيدة، دون العصبات القريبة، كان قوله منكرا مستبعدا، لكنه مع ذلك لا ينتهض في البعد إلى بعد التأويل في حمل الخبر السابق على الأمة والمكاتبة.