المسألة الثامنة عشرة الزيادة على النص هل تكون نسخا؟ وقد اتفق العلماء على أن الزيادة إذا كانت عبادة منفردة بنفسها عن العبادة المزيد عليها أنها لا تكون نسخا لحكم المزيد عليه وذلك كزيادة صلاة على صلوات أو صوم أو حجة أو زكاة، إلا ما نقل عن بعض العراقيين أنهم قالوا: إن زيادة صلاة سادسة على الصلوات الخمس يكون نسخا من جهة أن الصلاة الوسطى المأمور بالمحافظة عليها في قوله تعالى: * (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) * (2) البقرة: 238) تخرج عن كونها وسطى، وهو غير صحيح لوجهين:
الأول أن النسخ إنما يكون لحكم شرعي على ما تقدم، وكون العبادة وسطى أمر حقيقي ليس بحكم شرعي.
الثاني أنه يلزم عليه، أن لو أوجب الشارع أربع صلوات، ثم أوجب صلاة خامسة، أو زكاة أو صوما، أن يكون ذلك نسخا لاخراج العبادة الأخيرة عن كونها أخيرة، وإخراج العبادات السابقة عن كونها أربعا وهو خلاف الاجماع.
وإنما اختلفوا في غير هذه الزيادة كزيادة ركعة على ركعات صلاة واحدة، وزيادة جلدات على جلدات حد واحد، وزيادة صفة في رقبة الكفارة، كالايمان إلى غير ذلك من الزيادات:
فذهبت الشافعية والحنابلة وجماعة من المعتزلة، كالجبائي وأبي هاشم، إلى أنها لا تكون نسخا.
وقالت الحنفية تكون نسخا ومنهم من فصل.
ثم القائلون بالتفصيل، منهم من قال إن كانت الزيادة قد أفادت خلاف ما أفاده مفهوم المخالفة والشرط، كانت الزيادة نسخا، كإيجاب الزكاة في معلوفة الغنم فإنه خلاف ما أفاده قوله (ص) في الغنم السائمة زكاة من نفي الزكاة عن المعلوفة، وإلا فلا.
ومنهم من قال إن كانت الزيادة مغيرة لحكم المزيد عليه في المستقبل، كزيادة التغريب في المستقبل، على الحد، وزيادة عشرين جلدة على حد القذف، كانت نسخا.