المسألة الخامسة ومن التأويلات البعيدة أيضا تأويل قوله (ص): من ملك ذا رحم محرم عتق عليه (1) فإن ظهور وروده لتأسيس قاعدة، وتمهيد أصل، في سياق الشرط والجزاء، والتنبيه على حرمة الرحم المحرم، وصلته، قوي الظهور في قصد التعميم لكل ذي رحم محرم، وذلك مما يمتنع معه التأويل بالحمل على الأصول والفصول، دون غيرهم، لأنهم قد امتازوا بكونهم على عمود النسب عن غيرهم ممن هو على حواشيه من الأرحام، وذلك موجب لاختصاصهم بالتنصيص عليهم، إظهارا لشرف قربهم ونسابتهم، فلو كان القصد متعلقا بهم دون غيرهم بالذكر، لما عدل عن التنصيص عليهم إلى ما يعم، لما فيه من إسقاط حرمتهم، وإهمال خاصيتهم، ولذلك، فإنه لو قال السيد لعبده: أكرم الناس قاصدا لاكرام أبويه لا غير، كان ذلك من الأقوال المهجورة المستبعدة.
المسألة السادسة ومن التأويلات البعيدة تأويل أبي حنيفة في قوله تعالى: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ، فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) * (8) الأنفال: 41) حيث إنه قال باعتبار الحاجة مع القرابة وحرمان من ليس بمحتاج من ذوي القربى، وهو بعيد جدا، لان الآية ظاهرة في إضافة الخمس إلى كل ذوي القربى، بلام التمليك والاستحقاق مومئة إلى أن مناط الاستحقاق هو القرابة (2) فإنها مناسبة للاستحقاق، إظهارا لشرفها وإبانة لخطرها، وحيث رتب الاستحقاق على ذكرها في الآية، كان ذلك إيماء إلى التعليل بها، فالمصير بعد ذلك إلى اعتبار الحاجة يكون تخصيصا للعموم، وتركا لما ظهر كونه علة مومى إليها في الآية، وهو صفة القرابة، وتعليلا بالحاجة المسكوت عنها، وهو في غاية البعد.