(خاتمة) في أنواع النظر والاجتهاد في مناط الحكم، وهو العلة (1).
ولما كانت العلة متعلق الحكم ومناطه، فالنظر والاجتهاد فيه إما في تحقيق المناط أو تنقيحه أو تخريجه، أما تحقيق المناط فهو النظر في معرفة وجود العلة في آحاد الصور، بعد معرفتها في نفسها (2)، وسواء كانت معروفة بنص أو إجماع أو استنباط، أما إذا كانت معروفة بالنص، فكما في جهة القبلة فإنها مناط وجوب استقبالها، وهي معروفة بإيماء النص، وهو قوله تعالى: * (وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) * (البقرة: 144). وكون هذه الجهة هي جهة القبلة في حالة الاشتباه، فمظنون بالاجتهاد والنظر في الامارات.
وأما إذا كانت معلومة بالاجماع فكالعدالة، فإنها مناط وجوب قبول الشهادة، وهي معلومة بالاجماع، وأما كون هذا الشخص عدلا فمظنون بالاجتهاد.
وأما إذا كانت مظنونة بالاستنباط، فكالشدة المطربة، فإنها مناط تحريم الشرب في الخمر (3)، فالنظر في معرفتها في النبيذ هو تحقيق المناط، ولا نعرف خلافا في صحة الاحتجاج بتحقيق المناط إذا كانت العلة فيه معلومة بنص أو إجماع (4)، وإنما الخلاف فيه فيما إذا كان مدرك معرفتها الاستنباط.