المسألة الخامسة وكما يجوز نسخ حكم الخطاب من غير بدل كما بيناه، يجوز نسخه إلى بدل أخف منه كنسخ تحريم الاكل بعد النوم في ليل رمضان إلى حله وإلى بدل مماثل، كنسخ وجوب التوجه إلى القدس، بالتوجه إلى الكعبة وهذان مما لا خلاف فيهما عند القائلين بالنسخ.
وإنما الخلاف في نسخ الحكم إلى بدل أثقل منه.
ومذهب أكثر أصحابنا وجمهور المتكلمين والفقهاء جوازه، خلافا لبعض أصحاب الشافعي وبعض أهل الظاهر ومنهم من أجازه عقلا، ومنع منه سمعا.
ودليل جوازه عقلا ما سبق في المسألة المتقدمة.
ودليل الجواز الشرعي وقوع ذلك في الشرع.
فمن ذلك أن الله تعالى أوجب صيام رمضان في ابتداء الاسلام، مخيرا بينه وبين الفداء بالمال، ونسخه بتحتم الصوم، وهو أثقل من الأول (1).
ومن ذلك أن الله تعالى أوجب في ابتداء الاسلام الحبس في البيوت والتعنيف حدا على الزنا، ونسخه بالضرب بالسياط والتغريب عن الوطن في حق البكر، وبالرجم بالحجارة في حق الثيب، (2) ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان (3).
وكل ذلك أثقل من الأول.