الثالث: أنه أقوى من جهة حكمه حيث اعتبرت الطهارة في تلاوته عن الجنابة والحيض، وفى مس مسطوره مطلقا، والأقوى لا يجوز رفعه بالأضعف.
والجواب عن الآية الأولى من ثلاثة أوجه الأول: أنه يجب حمل قوله (لتبين للناس) على معنى لتظهر للناس لكونه أعم من بيان المجمل، والعموم، لأنه يتناول إظهار كل شئ حتى المنسوخ، وإظهار المنسوخ أعم من إظهاره بالقرآن.
الثاني: أن نسخ حكم الآية بيان لها فيدخل في قوله * (لتبين للناس) * وتبين القرآن أعم من تبيينه بالقرآن.
الثالث: أنه وإن لم يكن النسخ بيانا غير أن وصف النبي (ص)، بكونه مبينا لا يخرجه عن اتصافه بكونه ناسخا. وعن الآية الثانية من وجهين:
الأول: أنها ظاهرة في تبديل رسم آية بآية، النزاع إنما هو في تبديل حكم الآية، وليس فيه ما يدل على تبديل حكمها بآية أخرى.
الثاني: أن الله تعالى أخبر أنه إذا بدل آية مكان آية قالوا إنما أنت مفتر، وليس في ذلك ما يدل على أن تبديل الآية لا يكون إلا بآية. وذلك كما لو قال القائل لغيره (إذا أكلت في السوق سقطت عدالتك) فإن ذلك لا يدل على أنه لا يأكل في السوق.
وعن قوله * (قل نزله روح القدس) * (16) النحل: 102) أن ذلك لا يدل عل امتناع نسخ القرآن بالسنة إلا أن تكون السنة لم ينزل بها روح القدس. وليس كذلك، إذ السنة من الوحي، وإن كانت لا تتلى على ما سبق تقريره.
وعن الآية الرابعة من وجهين: الأول: أن قوله * (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) * (6) الانعام: 50) أي في تبديل آية مكان آية وليس فيه ما يدل على امتناع تبديل حكم الآية.
الثاني: أن النسخ، وإن كان بالسنة، فهي من الوحي على ما تقدم، فلم يكن متبعا، إلا ما يوحى إليه به. وعن الآية الأخيرة من ثلاثة أوجه:
الأول لا نسلم دلالتها على امتناع نسخ حكم الآية بغير الآية.
قولهم: في الوجه الأول إن السنة ليست خيرا من القرآن ولا مثله.