الثالث: أن المشركين عند تبديل الآية مكان آية، قالوا (إنما أنت مفتر) فأزال الله تعالى وهمهم بقوله * (قل نزله روح القدس من ربك بالحق) * (16) النحل: 102) وذلك يدل على أن التبديل لا يكون إلا بما نزله روح القدس الرابع: قوله تعالى: * (قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي) * (10) يونس: 15) وهو دليل على أن القرآن لا ينسخ بغير القرآن.
الخامس قوله تعالى: * (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها، ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير) * (2) البقرة: 106) وذلك يدل على أن الآية لا تنسخ إلا بآية.
وبيانه من وجوه الأول: أنه قال: * (نأت بخير منها أو مثلها) * (2) البقرة: 106) والسنة ليست خيرا من القرآن، ولا مثله.
الثاني: أن الله تعالى وصف نفسه بأنه الذي يأتي بخير منها، وذلك لا يكون إلا والناسخ قرآن لا سنة.
الثالث: وصف البدل بأنه خير، أو مثل وكل واحد من الوصفين يدل على أن البدل من جنس المبدل أما المثل فظاهر وأما ما هو خير. فلانه لو قال القائل لغيره (لا آخذ منك درهما إلا وآتيك بخير منه) فإنه يفيد أنه يأتيه بدرهم خير من الأول.
الرابع: قوله * (ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير) * (2) البقرة: 106) دل على أن الذي يأتي به هو المختص بالقدرة عليه وذلك هو القرآن دون غيره.
وأما من جهة المعقول فمن وجهين:
الأول: أن السنة إنما وجب اتباعها بالقرآن، في قوله تعالى: * (وما أتاكم الرسول فخذوه) * (59) الحشر: 7) وقوله (فاتبعوه) وذلك يدل على أن السنة فرع القرآن، والفرع لا يرجع إلى أصله بالابطال والاسقاط، كما لا ينسخ القرآن والسنة بالفرع المستنبط منهما وهو القياس الثاني: أن القرآن أقوى من السنة، ودليله من ثلاثة أوجه.
الأول: قول النبي (ص)، لمعاذ بم تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟
قال: بسنة رسول الله قدمه في العمل به على السنة، والنبي (ص)، أقره على ذلك.
وذلك دليل قوته.
الثاني: أنه أقوى من جهة لفظه، لأنه معجز، والسنة ليست معجزة.