ثم نذكر بعد ذلك وجه الضعيف في الآية المذكورة (1).
أما الأسئلة فأولها أنهم قالوا إن ذلك إنما كان مناما لا أصل له، فلا يثبت به الامر، ولهذا قال: إني أرى في المنام.
سلمنا أن منامه أصل يعتمد عليه، ولكن لا نسلم أنه كان قد أمر. وقول ولده افعل ما تؤمر، ليس فيه دلالة على أنه كان قد أمر ولهذا علقه على المستقبل. ومعناه:
افعل ما يتحقق من الامر في المستقبل.
سلمنا أنه كان مأمورا. لكن لا نسلم أنه كان مأمورا بالذبح حقيقة، بل بالعزم على الذبح امتحانا له بالصبر على العزم، وذلك بلاء عظيم، والفداء إنما كان عما يتوقعه من الامر بالذبح لا عن نفس وقوع الامر بالذبح أو بمقدمات الذبح من إخراجه إلى الصحراء وأخذ المدية والحبل وتله للجبين، فاستشعر إبراهيم أنه مأمور بالذبح، ولذلك قال تعالى: * (قد صدقت الرؤيا) * (37) الصافات: 105) سلمنا أنه كان مأمورا بالذبح حقيقة، إلا أنه قد وجد منه، فإن قد روي أنه كان كلما قطع جزءا عاد ملتحما إلى آخر الذبح، ولهذا قال الله تعالى: * (قد صدقت الرؤيا) * (37) الصافات: 105) وإذا كان ما أمر به من الذبح قد وقع، فالفداء لا يكون نسخا.
سلمنا أن الذبح حقيقة لم يوجد، لكن قد روي أن الله تعالى منعه من الذبح بأن جعل على عنق ولده صفيحة من نحاس أو حديد مانعة من الذبح، لا أن ذلك كان بطريق النسخ.
والجواب عن الأول أن منام الأنبياء فيما يتعلق بالأوامر والناهي، وحي معمول به، وأكثر وحي الأنبياء كان بطريق المنام، وقد روي عن النبي (ص) أن وحيه كان ستة أشهر بالمنام ولهذا قال عليه السلام: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة (2) فكانت نسبة الستة أشهر من ثلاثة وعشرين سنة من نبوته،