الشرط الثاني: أن يكون مسلما.
وذلك، لان الكافر إما أن لا يكون منتميا إلى الملة الاسلامية، كاليهودي والنصراني ونحوه، أو هو منتم إليها كالمجسم.
فإن كان الأول، فلا خلاف في امتناع قبول روايته، لا لما قيل من أن الكفر أعظم أنواع الفسق، والفاسق غير مقبول الرواية، فالكافر أولى، وذلك لان الفاسق إنما لم تقبل روايته لما علم من جرأته على فعل المحرمات مع اعتقاد تحريمها. وهذا المعنى غير متحقق في حق الكافر، إذا كان مترهبا عدلا في دينه، معتقدا لتحريم الكذب، ممتنعا منه حسب امتناع العدل المسلم. وإنما الاعتماد في امتناع قبول روايته على إجماع الأمة الاسلامية على ردها سلبا لأهلية هذا المنصب الشريف عنه لخسته.
وإن كان الثاني، فقد اختلفوا فيه:
فمذهب أكثر أصحابنا، كالقاضي أبي بكر والغزالي والقاضي عبد الجبار من المعتزلة، أنه مردود الرواية.
وقال أبو الحسين البصري: إن كان ذلك فيمن اشتهر بالكذب والتدين به لنصرة مذهبه، فلا تقبل روايته لعدم الوثوق بصدقه، وإن كان متحرجا في مذهبه متحرزا عن الكذب حسب احتراز العدل عنه، فهو مقبول الرواية، لان صدقه ظاهر مظنون.
والمختار رده، لا لما قيل من إجماع الأمة على رده، ولا لقياسه على الكافر الخارج عن الملة بواسطة اشتراكهما في الكفر المناسب لسلب أهلية هذا المنصب عنه، إذلالا له.