عمل النبي صلى الله عليه وسلم، بخبر أبي بكر وعمر وغيرهما، مع خبر ذي اليدين، عمل بخبر لم ينته إلى حد التواتر، وهو موضع النزاع. وفي تسليمه تسليم المطلوب.
وعن المعارضة الأولى من المعقول أنها منتقضة بخبر الواحد في الفتوى والشهادة.
كيف والفرق حاصل. وذلك أن المشترط في إثبات الرسالة والأصول الدليل القطعي، فلم يكن الدليل الظني معتبرا فيها، بخلاف الفروع.
وعن الثانية من وجهين:
الأول: أن براءة الذمة غير مقطوع بها بعد الوجود والتكليف في نفس الامر، بل الشغل محتمل، وإن لم يظهر لنا سبب الشغل، فمخالفة براءة الذمة بخبر الواحد لا يكون رفع مقطوع بمظنون.
الثاني: أنه منتقض بالشهادة والفتوى.
وعن الثالث أن تجويز وجود خبر معارض للخبر الذي ظهر لا يمنع من الاحتجاج به، وإلا لما ساغ التمسك بدليل من ظواهر الكتاب والسنة المتواترة، لأنه ما من واحد منها إلا ويجوز ورود ناسخ له أو مخصص له، بل ولما جاز التمسك بدليل مستنبط معارض له، ولما ساغ أيضا للقاضي الحكم بشهادة الشاهدين، ولا للعامي الاخذ بفتوى المجتهد له، لجواز وجود ما يعارضه وذلك خلاف الاجماع.
وعن الرابع أنه إنما لم يجز تقليد العالم للعالم، لاستوائهما في درجة الاجتهاد، وليس تقليد أحدهما للآخر أولى من العكس، ولا كذلك المجتهد مع الراوي، فإنهما لم يستويا في معرفة ما استبد بمعرفته الراوي من الخبر فلذلك وجب عليه تقليده فيما رواه.
وبالجملة فالاحتجاج بمسلك الاجماع في هذه المسألة غير خارج عن مسالك الظنون، وإن كان التمسك به أقرب مما سبق من المسالك.