ثبت الملك، وكان البيع سببا له فإنه لا يكون متناقضا. ولو كان النهي عن التصرف لعينه مقتضيا لفساده، لكان ذلك متناقضا.
وأما أنه يدل على الفساد من جهة المعنى، فذلك لان النهي طلب ترك الفعل، وهو إما أن يكون لمقصود دعا الشارع إلى طلب ترك الفعل، أو لا لمقصود:
لا جائز أن يقال إنه لا لمقصود.
أما على أصول المعتزلة، فلانه عبث، والعبث قبيح، والقبيح لا يصدر من الشارع.
وأما على أصولنا، فإنا، وإن جوزنا خلو أفعال الله تعالى عن الحكم والمقاصد، غير أنا نعتقد أن الاحكام المشروعة لا تخلو عن حكمة ومقصود راجع إلى العبد، لكن لا بطريق الوجوب، بل بحكم الوقوع. فالاجماع إذا منعقد على امتناع خلو الأحكام الشرعية عن الحكم، وسواء ظهرت لنا، أم لم تظهر. وبتقدير تسليم خلو بعض الأحكام عن الحكمة إلا أنه نادر والغالب عدم الخلو. وعند ذلك، فإدراج ما وقع فيه النزاع تحت الغالب يكون أغلب.
وإذا بطل أن يكون ذلك لا لمقصود تعين أن يكون لمقصود، وإذا كان لمقصود، فلو صح التصرف وكان سببا لحكمه المطلوب منه، فإما أن يكون مقصود النهي راجحا على مقصود الصحة أو مساويا، أو مرجوحا:
لا جائز أن يكون مرجوحا إذ المرجوح لا يكون مقصودا مطلوبا في نظر العقلاء.
والغالب من الشارع إنما هو التقرير لا التغيير.
وما لا يكون مقصودا فلا يرد طلب الترك لأجله، وإلا كان الطلب خليا عن الحكمة، وهو ممتنع لما سبق.