أما الصحابة فإنهم قبلوا أخبار عبد الله بن عباس، مع كثرة روايته. وقد قيل إنه لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم. سوى أربعة أحاديث، لصغر سنه. ولما روى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، إنما الربا في النسيئة، وأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يزل يلبي حتى رمى حجر العقبة. قال في الخبر الأول، لما روجع فيه: أخبرني به أسامة بن زيد. وقال في الخبر الثاني: أخبرني به أخي الفضل بن عباس.
وأيضا ما روى ابن عمر، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: من صلى على جنازة، فله قيراط وأسنده بعد ذلك إلى أبي هريرة. وأيضا ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال من أصبح جنبا في رمضان فلا صوم له وقال: ما أنا قلته، ورب الكعبة ولكن محمد قاله فلما روجع فيه، قال: حدثني به الفضل بن عباس.
وأيضا ما روي عن البراء بن عازب أنه قال: ما كل ما نحدثكم به سمعناه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكن سمعنا بعضه، وحدثنا أصحابنا ببعضه.
وأما التابعون فقد كان من عادتهم إرسال الاخبار. ويدل على ذلك ما روي عن الأعمش أنه قال: قلت لإبراهيم النخعي إذا حدثتني فأسند. فقال: إذا قلت لك حدثني فلان عن عبد الله، فهو الذي حدثني، وإذا قلت لك: حدثني عبد الله، فقد حدثني جماعة عنه.
وأيضا ما روي عن الحسن أنه روى حديثا، فلما روجع فيه قال أخبرني به سبعون بدريا، ويدل على ذلك ما اشتهر من إرسال ابن المسيب والشعبي وغيرهما. ولم يزل ذلك مشهورا فيما بين الصحابة والتابعين من غير نكير. فكان إجماعا.