وكذا الاستصحاب بدعوى: أن مفاد دليله تنزيل الشك في مورده منزلة اليقين، فيترتب عليه آثار اليقين من لزوم العمل وغيره. وأما بقية الأصول فلا بد من توجيهها بوجه آخر، ويأتي الكلام فيها بعد الفراغ من الوجه الرابع.
وفيه.. أولا: أنه لا مجال لاستفادة التنزيل المذكور، لعدم تضمن أدلة الاعتبار له صريحا كما أنها لم تتضمن توصيف الطرق بأنها علم حتى يحمل بقرينة مباينتها للعلم على التنزيل والادعاء. وغاية ما تدل عليه لزوم متابعتها عملا، من دون دلالة على كون ذلك متفرعا على لزوم متابعة العلم وفي طوله وبعناية تنزيلها منزلته.
كيف وقد سيقت في بعض الأدلة في مقابل العلم دون إشعار بالتنزيل المذكور، ففي رواية مسعدة بن صدقة: (والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير هذا أو تقوم به البينة).
ودعوى: أن مقتضى الجمع بينه وبين قوله عليه السلام في صدرها: (كل شئ لك حلال حتى تعلم أنه حرام) كون البينة أحد فردي العلم شرعا.
مدفوعة: بأن الجمع بينهما يقتضى حمل العلم في الصدر على مطلق الحجة والكاشف الذي يترتب عليه العمل، لا تنزيل البينة منزلة العلم الوجداني الذي هو محل الكلام.
ودعوى: أن غالب الطرق حجة ببناء العقلاء الممضى شرعا، وحيث كان مقتضى المرتكزات العقلائية تنزيلها منزلة العلم وإلغاء احتمال الخلاف معها تعين حمل أدلة الامضاء الشرعية على ذلك.
مدفوعة: بأن المتيقن من بنائهم العمل بالطرق المذكورة والبناء على ترتب مضمونها وعدم الاعتناء عملا باحتمال خطئها، وذلك وإن أوجب اشتراكها عندهم مع العلم في مقام العمل، إلا أنه لا يقتضي كون العمل بها بعناية تنزيلها منزلته بإلغاء احتمال الخلاف ادعاء.