غير مناف لعبادية ما هو مجعول لوظيفة العبودية ولا لمصلحته لو فرض قيامها بنفس ذاته، وانما هو مضر بقربيته.
فالتزامهم بفساد العبادة في هذه الصورة يكشف عن عدم التزامهم بقيام المصلحة الداعية على الأمر بها بنفس ذاتها، بل إنما هي قائمة بها بقيد قربيتها.
وحينئذ فالتعبدي في كلماتهم قبال التوصلي ليس مطلق ما كان مقتضيا للقرب لمحض كونه من وظائف العبودية، بل المراد منه ما كان مصلحته والغرض الباعث على الأمر به منوطا بقربيته فعلا.
بل لنا ان نقول أيضا بأنه ليس بناؤهم على الاكتفاء بمقربيتها الذاتية ولو لم يكن في البين مانع عن مقربيتها. كيف! ولازمه الاكتفاء باتيانها بداعي الشهوة، إذ هذا المقدار لا يضر [بقربية] ما هو من وظائف العبودية، إذ من [دعته] شهوته على الخضوع لمولاه ولو بتقبيل يده بداعي خضوعه له ولو كان محركه على هذا الخضوع شهوته كان متقربا لمولاه، ولا يضر هذا المقدار بمقربيته الذاتية.
ومع ذلك ليس بناؤهم على الاكتفاء في مثل الصلاة والصوم وغيرهما - مع كونها من وظائف العبودية و [مقربة] ذاتا بشهادة تشريعها في نيابة العبادات - باتيانها خضوعا لمولاه ولو بداعي شهوته، بل يحتاجون في مثلها إلى التقرب بجهة زائدة عن مقربية ذواتها، كما لا يخفى، ولازمه قيام المصلحة في أمثالها على الفعل باتيانها بهذا النحو من التقرب [غير] المجامع مع اتيانها بداعي الشهوة.
ولا يرد عليه حينئذ بان لازم ذلك عدم صحة نيابتها، إذ مع عدم الاكتفاء بقربيتها بنفسها والاحتياج إلى قربيتها بعنوان آخر كيف يتصور ذلك في حق النائب عن الميت، لما عرفت من انه لم يكن في البين جهة قابلة للتقرب بداعيها عن الميت.