قلت: من الممكن التفكيك في القرب الدخيل في المصلحة بين مراتبه بالإضافة إلى الحي والميت، وان ما هو دخيل في المصلحة في الأحياء هو الفعل القربى بجهة زائدة حتى في وظائف العبودية، وفي غير الأحياء مجرد اتيان الوظيفة المخصوصة على وجه قربيته من قبل نفسه لغيره عند اتيانه عن قبل الغير.
وحينئذ فلك ان تقول: إن للقرب مراتب، بمرتبة منه يجدي في فعل النائب عن الميت وبمرتبة أخرى زائدا عن هذه المرتبة يحتاج إليه في حق الأحياء.
وعلى اي تقدير: مصلحة العبادي منوطة بالقربة الفعلية ليس إلا.
وحينئذ فلا محيص في تعريف التعبدي أن يقال بما قالوا، ولازمه كون القربية قيدا شرعيا لا عقليا، لان المدار في القيود الشرعية على دخلها في [الغرض] بنحو يكون تفويتها تقصيرا مستتبعا لاستحقاق العقوبة ومن المعلوم ان العقل قاصر عن درك هذا المعنى، فلا بد وأن يكون بيانه بيد الشرع ليس إلا.
نعم ما يدركه العقل مستقلا هو دخل القربية في استحقاق المثوبة، وفي مثل ذلك لا يكون [أمرا] وضعه ورفعه بيد الشرع. بل لو بين ذلك كان من باب الارشاد إلى حكم العقل محضا. ولكن هذه الجهة غير مرتبطة، بعالم دخله في الغرض. كيف! وهو جار حتى في التوصليات كما لا يخفى.
وبعد ما اتضح هذا الامر [نقول]:
ان الجهة الزائدة عن قربيتها الذاتية الاقتضائية الموجبة لمرتبة أخرى من القرب تتصور في طي مراتب أخرى:
إذ تارة يتصور القرب بداعي رجحان العمل عقلا المعبر عنه بداعي حسنها المحرز لدى المولى جزما.
وأخرى بداعي رجحانه شرعا المعبر عنه بداعي محبوبية العمل لدى الشرع.