الفاعل ولو تسبيبا بتوسط تشريعه، فقهرا يدل على ارادته التشريعية بهذه المناسبة.
ولئن شئت قلت: إن المتكلم بهذا الكلام في مقام ايقاع نسبة المبدأ خارجا إلى الفاعل بعناية وجود مقتضيه من ارادته التشريعية لا في مقام الحكاية عن صدوره عن الفاعل بعناية وجود مقتضيه من إرادة المخبر; إذ من المعلوم ان مثل إرادة المخبر أجنبي عن الاقتضاء في صدور الفعل منه كما أسلفنا، بخلاف مقام اصداره من المخبر ولو تسبيبا، فان لإرادته التشريعية كمال الاقتضاء لهذا المعنى.
نعم في دلالتها على الوجوب مع فرض مناسبة هذه العناية للاستحباب أيضا [تحتاج] إلى مقدمات أخرى قد [أسلفناها] في وجه دلالة الصيغ على الوجوب، وهي بعينها جارية في المقام أيضا.
نعم عن بعض الأعاظم من المعاصرين كلام في وجه استفادة الوجوب من الصيغ والجمل بدعوى - [ملخصها] -:
ان الصيغة بمحض صدورها عن المولى، العقل يحكم بلزوم [امتثالها]، إلا أن يقوم قرينة على خلافه.
وأفاد في توضيح مرامه بان الوجوب بمعنى الثبوت وهو تكويني وتشريعي. وكل منهما ينقسم إلى ما كان بالذات وبالغير. وكل ما بالغير أيضا في المقامين ينتهي إلى ما بالذات، وان وجوب الطاعة نفسي، ووجوب غيره به. إلى أن أفاد بعده:
إذا صدر بعث من المولى، العقل يحكم بوجوب طاعته قضاء لحق المولوية; فالوجوب إنما هو من تبعات حكم العقل بالطاعة، ومن لوازم صدور الصيغة من المولى أو صدور الجمل منه. انتهى كلامه (1).