ثم إن الملحوظ في المقام إما معذورة (1) من جهة ترتب العصيان واستحقاق العقاب أو من جهة الصحة أو من جهة ترتب سائر الآثار.
وأما الجاهل بالحكم فالكلام فيه إما من جهة ترتب الإثم والعقوبة (2). ونقول حينئذ: إنه إن كان جاهلا صرفا وغافلا محضا فلا إشكال حينئذ في عدم ترتب إثم عليه، سواء كان غافلا عن التكليف مطلقا أو عن ذلك التكليف الخاص أو كان ملتفتا إليه معتقدا حصوله على وجه خاص لا يستريب في أداء التكليف به فجرى على وفق معتقده، لوضوح توقف التكليف على العلم، والغافل عن الشئ لا يتعلق به تكليف بالفعل أو الترك حين جهله وغفلته، ولا يجب عليه السؤال عنه، فإن وجوب السؤال موقوف على تصوير الشئ وقيام الاحتمال عند السائل لينبعث النفس إلى السؤال، وأما إن كان غافلا عن الشئ بالمرة أو كان معتقدا لحكمه على وجه لا يحتمل خلافه من جهة غفلته عن الطريق المقرر له لم يمكن في شأنه الترديد الباعث على السؤال. هذا إذا كان جهله كذلك بدون تقصير منه في معرفة الحكم كما إذا كان غافلا محضا عن تعلق التكليف به أو تفحص عن الأحكام المتعلقة به على حسب معرفته وغفل عن ذلك.
وأما إذا كان مع التقصير في الرجوع واستعلام الأحكام فاتفق غفلته عن الحكم في المسألة لأجل ذلك، ففي تحقق الاثم والعصيان بالنسبة إليه وجهان: من حصول الغفلة الباعثة على سقوط التكليف، ومن كون الغفلة ناشئة عن تقصيره في الاستعلام، فلو لم يقصر في الاستعلام لتفطن لذلك ولم يتحقق غفلته عنه وكان الأظهر هو الثاني. وتحقق السؤال عنه حين الغفلة وإن كان ممتنعا إلا أن امتناعه مستند إلى اختياره، وإن كان متفطنا مترددا في الحكم سواء كان ظانا على وجه لا يعلم جواز الركون إليه والأخذ به أو شاكا جرى عليه حكم العصيان مع إمكان الاستعلام والتماهل فيه، ومع عدم التمكن منه كان عليه الاحتياط في الظاهر مع الإمكان ثم الأخذ بمقتضى الظن على ما مر تفصيل القول فيه، فإن أخذ به فلا