لبقاء الاشتغال وعدم الإتيان بالمكلف به، وإن كان فائتا توقف وجوب القضاء على ثبوت الأمر الجديد، فإن ثبت وجوب قضائه مع الفوات جرى في المقام، لصدق الفوات عند عدم المطابقة وإن لم يكن مكلفا بالأداء من جهة الجهل والغفلة فإن انتفاء التكليف من جهة الغفلة ونحوها لا ينافي صدق الفوات كما في النائم والناسي.
وتوهم توقف صدق الفوات على تحقق التكليف بالفعل الفائت في الوقت - كما يظهر من بعض الأفاضل فالحكم بوجوب القضاء في النائم والناسي لقيام الدليل عليه لا لصدق الفوات - ضعيف جدا، لوضوح صدق اسم الفوات فيهما في المقام ونظائره مما يتفوت بسببهما فعل مشتمل على مصلحة المكلف، فيصح أن يقال فات عنه بسبب نومه الفعل الفلاني من غير تجوز أصلا. واعتقاده حال العمل كونه مكلفا بما أتى به لا يقضي بصحة العمل، إذ هو فرع الأمر ولا أمر في المقام، إذ أقصى الأمر حينئذ عدم ترتب الإثم عليه من جهة الغفلة. وتعلق الأمر به في الظاهر بذلك العمل غير ظاهر، فإنه ممنوع وإن كان تركه بالمرة عصيانا في معتقده، فإن ذلك تجر على العصيان لا أنه عصيان، كما هو الحال في الطاعات المقررة في سائر الأديان إذا كان العامل بها قاطعا بصحتها غير محتمل لفسادها أصلا، فإن ذلك لا يقضي بتعلق الأمر بها من الشارع حتى تكون تلك الأعمال أمورا مقربة من الشارع مطلوبة له على نحو ما نقوله في فتاوى المجتهد إذا لم يطابق ظنه الواقع.
ومع الغض عن ذلك وتسليم تعلق الأمر به في الظاهر فهو مغيا بظهور خلافه، وبعد انكشاف الخلاف يتبين أنه لا أمر به فلا صحة حسب ما قررناه في مسألة دلالة الأمر على الاجزاء.
وأنت خبير بأن ما ذكر إنما يتم فيما إذا كان الحكم المذكور مخالفا لأمر قطعي. وأما إذا كانت المخالفة في أمر اجتهادي أشكل حينئذ جريان الوجه المذكور بالنسبة إليه، لكون الثاني أيضا تكليفا ظاهريا، فلا بد إذن من الأخذ بكل من الحكمين في محله - على نحو ما قررناه في مسألة رجوع المجتهد عن رأيه -