فظهر بما قررنا أن الحكم بعدم وجوب الإعلام مطلقا كما يظهر من بعض الأفاضل ليس على ما ينبغي، بل الظاهر فيما إذا قطع (1) ببطلان فتواه السابق وعلم عمل المقلد به سيما إذا كان المسألة قطعية. وأما إذا ظن بخلافه أو تردد في المسألة مع قضاء أصل الفقاهة عنده بخلاف ما أفتى به أولا فالحكم بعدم وجوب الإعلام مع العلم بعمل المقلد به لولا إعلامه بالحال لا يخلو عن الإشكال، سيما بالنسبة إلى مسائل المعاملات مع تصريح جماعة هناك بعدم مضي ما وقع بفتوى المجتهد حال ظنه بالحكم بعد رجوعه عنه إذا لم يضم إليه حكم الحاكم كما سيجئ الإشارة إليه إن شاء الله.
ولو سلم قيام السيرة في المقام أو لزوم الضيق والحرج التام فإنما هو في هذه الصورة دون غيرها، فلا بد من الاقتصار عليها في الخروج عن مقتضى القاعدة المذكورة فتأمل.
بقي الكلام في المقام في الأعمال الواقعة على مقتضى فتواه الأول قبل رجوعه عنه، فهل يحكم بمضيها بعد العدول عنه أو لا؟ وتفصيل القول في ذلك أن الأخذ بالفتوى الأول إما أن يكون في العبادات والطاعات أو في العقود والإيقاعات أو في الأحكام، وعلى كل حال فإما أن يقطع المفتي بفساد فتواه السابق أو يظنه أو يتردد فيه، وعلى كل حال فإما أن يكون المسألة قطعية أو اجتهادية، ثم إنه إما أن يراد معرفة حال العمل الواقع عن المفتي أو الأعمال الواقعة عن مقلديه.
فنقول: إن كانت المسألة قطعية وقد قطع المفتي بذلك، فالظاهر حينئذ فساد ما أتى به من الأفعال الواقعة على مقتضى فتواه الأول، لعلمه بوقوعه على خلاف ما قرره الشارع، من غير فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات.