جملة أمور يعلم عدم خروجه منها، ويدور أجزاء الفعل بينها إما بأن يعلم وجود ما هو خارج عن العمل في جملتها ولكن لا يتعين عنده بالخصوص، أو لا يعلم ذلك ولكن يحتمله. وعلى كل حال فهو يعلم عدم مانعية شئ منها لتلك العبادة. وحينئذ فالظاهر صحة العمل الواقع منه على الوجه المذكور من غير حاجة إلى التميز، بأن ينوي التقرب بالإتيان بذلك الفعل إجمالا الحاصل بإتيان ما يؤديه من الأجزاء، فهو ينوي أداء الفعل المطلوب في الشريعة ويقطع بحصوله بما يأتي به من الأفعال، فالمصداق الذي يأتي به من مصاديق ذلك المفهوم قطعا، وهو ينوي القربة بالمفهوم الحاصل بحصوله وإن لم يتميز عنده خصوص المأخوذ في ذلك المفهوم من تلك الأجزاء، فإن ذلك مما لا دليل على اعتبار العلم به في أداء التكليف، إذ القدر اللازم من العلم هو ما يحصل منه العلم بأداء الواجب فيه، وهو حاصل بذلك قطعا.
فتوهم الفساد في هذه الصورة - كما هو صريح البعض - إما من جهة انتفاء العلم بالحقيقة التفصيلية فيكون ما دل من الأخبار وغيره على اشتراط العمل بالعلم قاضيا بفساده، وهو فاسد، لعدم قيام الدليل عليه كذلك. وأقصى ما يستفاد من الأدلة اعتبار العلم به على وجه يحصل العلم بأداء مطلوب الشارع به، وهو حاصل بما ذكرناه قطعا. أو من جهة إبهام المنوي وعدم تعينه عند العامل فلا يكون قصده قبل ارتفاع الإبهام للزوم تعين المقصود عنده، وهو أيضا ظاهر الفساد، لأنه إن أريد تعينه في الجملة ولو بوجه ما فهو حاصل في المقام قطعا، وإن أريد تعينه بالكنه ليتميز حقيقة الفعل على وجه التفصيل فهو مما لا دليل عليه.
وأورد في المقام: أن ذلك إنما يجوز عند عدم التمكن من الاستعلام وقيام الضرورة فيصح من جهته، التقرب (1) بمجموع أمور مشتملة على المطلوب لتحصيل اليقين بالفراغ إنما يصح بعد عجز المكلف عن التميز وانحصار أمره في ذلك، كما في الصلاة في الثوبين المشتبهين وإلى الجوانب الأربع عند اشتباه القبلة، ولا يجوز ذلك مع إمكان تعيين الجهة أو تميز الطاهر من النجس قطعا.