والمصلحة الملحوظة بالنسبة إلى جهة خاصة وإن لم تكن مصلحة له في الواقع، فالأول كما نقول: إن طاعة الله سبحانه حسنة أي مشتملة على مصلحة العبد، ومعصيته قبيحة يعني مشتملة على مفسدة، والثاني كما تقول: إن قتل زيد مصلحة للسلطان أي بالنظر إلى أمور سلطنته، وإن كانت السلطنة وما يؤدي إليها مفسدة له بحسب الواقع، وهذا المعنى مما يختلف بحسب الاعتبار بالنسبة إلى الأشخاص، فقد يكون وقوع فعل واحد مصلحة لشخص ومفسدة للآخر، بل قد يختلف بالنسبة إلى الشخص الواحد كما إذا كان مصلحة له من جهة مفسدة من أخرى.
ثالثها: موافقة الغرض ومخالفتها وجعلها في المواقف وشرح الجديد للتجريد وغيرهما عبارة أخرى للمعنى الثاني، وهو بعيد للمغايرة الظاهرة بينهما، ولا داعي إلى التكلف.
رابعها: ملائمة الطبع ومنافرته، ذكره الرازي والعميدي، وقد يتكلف بإرجاعه أيضا إلى الثاني ولا باعث عليه. نعم قد يرجع هذان الإطلاقان إلى الثاني، لعدم ثبوت إطلاقهما عليهما بالخصوص، فيحتمل أن يكون إطلاقهما عليهما لكونهما نحوين من المصلحة والمفسدة.
خامسها: كون الفعل مشتملا على الحرج وخاليا عنه، ذكره العضدي.
وسادسها: كونه مما يمدح فاعله أو يذم، وقد نص جماعة بأن ذلك هو محل الخلاف ويمكن إرجاع الخامس إليه، إذ المراد بالحرج في المقام هو المنع، سواء كان من حكم العقل أو الشرع، وهو يساوق الذم، فيتطابق الحدان في القبح. فما يوجد في كلام بعض الأعلام من اخراج الحسن والقبح - بمعنى ما لا حرج فيه وما فيه الحرج - عن محل الكلام مما لا وجه له، إذ لا معنى لحكم العقل بعدم كون الفعل سائغا إلا حكمه بحرمته وترتب الذم عليه، ومقصود العضدي وغيره ممن ذكر المعنى المذكور إنما هو بيان اختلاف معنى الحسن، إذ لم يلاحظ فيه استحقاق المدح ولا ما يساوقه فيه كما اعتبر في الحد الأخير، ولم يعتبر فيه سوى ارتفاع المنع، ويجئ نظيره في الحد الأخير أيضا إذا اكتفى في صدق الحسن بمجرد