معنيان مختلفان للحسن يندرج أحدهما في الآخر، فليس هناك خلاف في التفسير وإنما هناك اختلاف بين التفسيرين.
وقد عرفت أن أكثر تحديداتهم يوافق الأخير فكأنه الأعرف في الاستعمال، وهو الأنسب بالمقام ليعم الكلام سائر الأحكام.
ثم إن ما ذكرنا من تعاريف الحسن والقبح حدود ستة: ثلاثة منها للمعتزلة، وثلاثة للأشاعرة.
وقد أورد على الأول بأنه لا يشمل ما كان حسنه أو قبحه ثابتا لذاته مع قطع النظر عن الصفات الخارجة عنه، ويرد نحوه على الحد الثاني للمعتزلة بالنسبة إلى حد القبيح.
ويرد عليه في حد الحسن شموله للقبيح الذاتي، إذ ليس فيه صفة تؤثر في استحقاق الذم.
والجواب: أن ما ثبت لذات الفعل يمكن اسناده إلى الصفة الذاتية أيضا - أعني المنتزعة من نفس الذات - فيندفع الإيراد عن الحدود المذكورة.
وقد يجاب عنه أيضا: بأن الاختلاف الحاصل في حدودهم مبني على ما اختلفوا من كون الحسن والقبح اللاحقين للأفعال حاصلا لهما لذواتهما، أو للوجوه والاعتبارات على ما سيجئ الكلام فيه، فالحدان الأولان مبنيان على الثاني، والحد الثالث على الأول.
وأنت خبير بأن المناسب للتحديد صحة الحد على جميع الأقوال ليصح تعلق الخلاف بالمحدود وما ذكر من الجواب اعتراف بفساد الحد على بعض تلك الأقوال على ما هو التحقيق هناك من التفصيل، إذ الظاهر ثبوت الحسن والقبح لبعض الأفعال بالنظر إلى ذاته كما سيجئ الإشارة إليه إن شاء الله، على أن الحد الثالث يصح على كل من الأقوال المذكورة في تلك المسألة، فلا اختصاص له بالقول الأول على ما يظهر مما ذكر.
وقد يناقش في الحدود المحكية عن الأشاعرة: بأن محل النزاع في الحسن