في الفروع على الوجه المذكور هو المخالف في الأصول، إلا أن الحيثية مختلفة والجهة متعددة، والظاهر أنه (قدس سره) عنى بقيام الدليل القاطع على كل مسألة من الفروع ما يعم القطع بالواقع والقطع (1) بوجوب العمل، لاشتراكهما في القطع بالتكليف.
فلا بد أن يكون الدليل مفيدا للقطع بالواقع أو (2) القطع بالتكليف بقيام القاطع على حجيته حسب ما نص عليه في مقام آخر فلا يكتفى بمجرد ما يفيد الظن بالواقع كما هو الحال في الاجتهاد المتداول بين العامة، ولذا حكم بالمنع من الاجتهاد المفضي إلى الظن دون العلم.
والحاصل: أن القطع بالطريق الموصل كالقطع بالواقع في قطع عذر المكلف ووضوح التكليف عنده وبلوغ الحجة بالنسبة إليه.
فإن قلت: إن مطلق الظن عند من يعمل به ويقول بحجيته بتلك المثابة أيضا، فليس بناء العامة على العمل بالظن إلا مع القطع بحجيته، ولذا قالوا: إن ظنية الطريق لا تنافي قطعية الحكم.
قلت: مقصود السيد من الاجماع المذكور هو دفع ذلك والرد عليه، وأن الظن مطلقا مما لا دليل على حجيته، بل لا بد من الأخذ بالعلم أو طريق قام الدليل العلمي على حجيته، فما ادعاه من الاجماع إنما هو على أصالة عدم حجية الظن وأن الحجة إنما هي الطرق الخاصة التي دلت عليه الأدلة القاطعة، فمن أخذ الفروع من غير تلك الطرق العلمية يحكمون بضلالته كالمخالف في أصول الدين والمذهب، وعلى هذا فيرجع ما ذكره من الاجماع إلى:
الوجه الثاني في تقرير الاجماع، وهو أن يدعى الاجماع على أن الأصل الثابت بعد انسداد سبيل العلم هو عدم حجية الظن مطلقا وإنما الحجة كل واحد من الطرق الخاصة التي قامت عليها الأدلة القاطعة في الشريعة.
وسيظهر دعوى الاجماع عليه كذلك من الشريف الأستاذ (قدس سره) حيث ذكر في بعض تحقيقاته في دفع حجية الشهرة أن اعتبارها مبني على حجية الظن مطلقا،