المتداول في اختصاص الخطاب بالرئيس مع كون المطلوب حقيقة فعل الأتباع، أو للاتفاق عليه نظرا إلى انحصار خواصه (صلى الله عليه وآله وسلم) في أمور لم يذكر ذلك في جملتها.
ويمكن دفع الوجهين بأنا نسلم الاشتراك، لكن مع الاتفاق في ما يحتمل إناطة الحكم به، وليس الحال كذلك في المقام، لوضوح الاختلاف حيث إنه متمكن من العلم، وليس ذلك حاصلا لنا، إذ المفروض انسداد سبيل العلم بالنسبة إلينا، فأقصى الأمر أن يجري ذلك بالنسبة إلى المتمكنين من العلم من أمته، ولا كلام فيه.
ثانيها: أنه لا عموم في الآية لتفيد المنع من جميع الظنون والنهي عن بعضها مما لا كلام فيه، وقد فسرها جماعة من المفسرين بأمور مخصوصة فقيل: معناه لا تقل سمعت ولم تسمع ولا رأيت ولم تر ولا علمت ولم تعلم، وقيل: معناه لا تقل في قفا غيرك شيئا، وقيل: هو شهادة الزور، وقيل: معناه لا ترم أحدا بما ليس لك به علم. وعلى كل من هذه التفاسير لا ترتبط بالمدعى.
ثالثها: أنه على فرض كونه للعموم إنما يفيد رفع الإيجاب الكلي دون السلب الكلي، فهي إنما تدل على النهي عن العموم لا عموم النهي كما هو المدعى.
والجواب عنها: أن الإطلاق هنا كاف في إفادة العموم لرجوع المطلق في المقام إلى العام، نظرا إلى دليل الحكمة، مضافا إلى وقوعه في سياق النهي الذي هو بمنزلة النفي في اقتضائه عموم ما يقع في سياقه كما تقول: لا تهن العالم، وعلى كل من الوجهين فهو يفيد عموم النهي لا النهي عن العموم كما ظن.
وما ذكر من كلام المفسرين مبني على إرادة المثال ومع الغض عنه فلا حجة فيه مع مخالفته لظاهر الإطلاق.
ومما قررناه يظهر الإيراد على الأخبار المذكورة أيضا، فإنه قد يناقش في إسنادها ودلالتها بأن أقصى ما تفيده الظن وحجيته أول الكلام، بل نقول: إن مفادها عدم جواز الاتكال على الظنون، فلو صح مفادها لما جاز الاعتماد عليها.