للقول بحجية الظنون الخاصة أيضا، نظرا إلى قضائه بعدم حجية الظن مطلقا - كما ذهب إليه الأخبارية - فلا يصح التمسك به في المقام، بل لا بد من القطع بفساده، لقيام الضرورة على حجية الظن في الفروع في الجملة.
وقد يقال: إن ما ذكره السيد (رحمه الله) إنما كان بالنظر إلى زمانه الذي لم ينسد فيه باب العلم وكان أخذ الأحكام من الأدلة القطعية ممكنا حسب ما ذكره السيد في مقام آخر أيضا.
ومن البين أنه مع عدم انسداد باب العلم لا داعي إلى القول بحجية الظن بخلاف هذه الأزمنة وما ضاهاها فلا يرتبط الاجماع المدعى بالمقام، لكنا نقول:
إن الظاهر أن انفتاح السبيل كذلك لم يكن حاصلا في عصره، بل وما تقدم على عصره أيضا، كيف! ولو كانت الأدلة القطعية قائمة واضحة لما وقع هذه الاختلافات بين القدماء لبعد تفرع الخلاف كذلك على الأدلة القطعية، النقلية، وعلى فرض حصوله فإنما يقع على سبيل الندرة، مع أن الخلاف الواقع بين القدماء لا يقصر عن الخلاف الحاصل بين المتأخرين، ويشهد له أيضا ملاحظة طرق استدلالهم ووجوه احتجاجهم على المسائل، فإنهم يتمسكون غالبا بوجوه لا تفيد العلم بالواقع قطعا. فالدعوى المذكورة من السيد (رحمه الله) بعيدة جدا، بل يكاد يقطع بخلافه. ويومئ إليه ما ذكره من قطع الإمامية بأن مخالفها في الفروع كمخالفها في الأصول، فإنه لا يعنى منه أن كلا منهم يقطع بأن مخالفه في المسألة الفرعية ولو كان من الإمامية كمخالفه في الأصول، للقطع بخلافه، كيف! والاختلافات الواقعة بينهم معروفة واضحة، ولم يقطع أحد منهم بضلالة مخالفه ولا قطع موادته، بل ولم يتحقق منه جزمه لذلك ولا الظن فيه (1) كما هو الحال في مخالفة الأصول، وهو من الأمور الواضحة، بل الضرورية بعد ملاحظة طريقتهم، والظاهر أن مقصوده بذلك قطعهم بكون مخالفهم في الفروع من سائر المذاهب الآخذين فروعهم من غير الطرق المقررة في الشريعة عند الشيعة كمخالفهم في الأصول وإن كان المخالف